كمال جنبلاط يعود في وثائقي للمخرج للشاب هادي زكاك تلك النواحي التي تجعل منه إنساناً…والبحث عنه يزوّدك سكينة!

الإنطباع الأول الذي سَكَنَ المُخرج الشاب هادي زكاك خلال بحوثه المُكثّفة والمستمرّة حول الراحل الكبير كمال جنبلاط، هو قدرته على أن يَسكُن من يختار التنزّه في الأروقة والممرّات القائمة داخل قلعة تاريخه الشاهق.

يروي على هامش الفيلم الوثائقي الذي يُعدّه حول جنبلاط والذي ما زالت تفاصيله طيّ الكتمان(بما فيها عنوانه)، “ما إن تدخلي عالمه…يعني تفوتي عليه…يضفي عليك السكينة ونوعاً من الهدوء…يزوّدك هذا البُعد…علاقته بالهند…كل هذه الروحانية التي سيّجت حياته…سفراته المُتكررة إلى الهند…ونحن في عصرنا السريع الإيقاع هذا إبتعدنا كثيراً عنه”. وكان السؤال الذي يتردّد في بال زكاك، وما زال يشغله هو: “متى وَجَد الوقت الكافي ليُنجز كل هذه المشاريع؟”، واستنتج ومُساعد المخرج محمد همدر الذي يرافقه في رحلته “الجنبلاطية” هذه ان الراحل الأسطورة “كان يُتابع دورة الطبيعة، فينام باكراً ويستيقظ باكراً. وكان يُخصّص الوقت اللازم للقراءة ولجلسات التأمّل التي رافقته طوال حياته وطوّرها مع مرور الوقت، إذ انه كان يزور الهند باستمرار”. والتحدّي الكبير الذي يُلازمه وهمدر يرتكز على  كون الوثائقي يُعالج “شخصيّة مُهمّة جداً…وكأنه أشبه بنجم…انه بالفعل تحدّ لاسيما ان ثمة أشخاصاً يعرفونه وآخرين لا يعرفون عنه الكثير، ولا بدّ من تقديم مادة جديدة للفريقين…مادّة تُرضي الجميع”. وفي حين ان البحوث مُستمرّة منذ مدة، بيد ان زكاك يرى ان “البحث سيستمر على ما أظن حتى خلال التصوير، على اعتبار ان ثمة بحراً من المعلومات حوله، ومن التحدّيات التي نواجهها اننا ندخل على حقبات مهمّة فضلاً عن فكره، وعلم الإجتماع والثقافة العامة…البحث لا ينتهي…والتحدّي ان نعرف متى نتوقف وكيف، على اساس ان البحث لا ينتهي”. والجميل في فترة البحث المستمره التي يعيشها زكاك والمخرج المساعد همدر، “انها طريقة للغوص في تاريخ لبنان المُعاصر. هذه المادة تهمّني كثيراً”. ويغوص زكاك حالياً، (اضافة إلى المراجع العديدة التي تُعنى بالراحل)، في الكتب التي وقّعها كمال جنبلاط والتي يصل عددها إلى 66 كتاباً، ومنها إكتشف ان ثمة جانباً “كتير كبير…لم يأخذ حقّه في حياة هذا الرجل الذي يرى البعض انها محصورة فقط بالشق السياسي….ثمة نواح روحية وفكرية نريد أن نعمل عليها…”. والأكيد ان ثمة تصوّراً للوثائقي ولكنه يبقى، على قول زكاك، “Top Secret”. وعندما يحين وقت التصوير، يؤكد زكاك انه سيتم “على مراحل مُتقطّعة للإفادة من مختلف فصول السنة، ولاسيما ان هذه الفصول مُرتبطة بمراحل مُحدّدة من حياة كمال جنبلاط”. منذ أكثر من 10 سنين، وفكرة تصوير وثائقي حول الرجل-الأسطورة تُرافق زكاك وتحديداً “عندما نُشر كتاب إيغور تيموفييف: “الرجل الأسطورة”…وعبر السنوات وفي الساحة اللبنانية لا نرى رجلاً سياسياً نموذجياً. من خلال مُطالعاتي، ثمة شخصيتان إستوقفتاني: كمال جنبلاط وفؤاد شهاب”. وعندما عُرض فيلم زكاك الوثائقي “مرسيدس” قبل بضعة أشهر، “تحدثت معي الإعلامية جيزيل خوري حول إمكان إنجاز فيلم عن كمال جنبلاط. ومن خلالها تواصلت مع رابطة اصدقاء كمال جنبلاط الذين سيُنتجون الوثائقي”. وطلبت منه الرابطة “أن أضع تصوري للفيلم مطلع الصيف…وانوضع الفيلم على السكّة خلال شهر أيلول…ونحن اليوم(زكاك وهمدر) نعيش فترة بحث طويلة…محمد من الأوائل الذين انضموا إلى فريق العمل…ونطّلع معاً على كل ما كُتب عنه، اضافة إلى الكتب التي وقّعها شخصياً”. البحث انطلق رسمياً، “مطلع شهر آب، وقد قسّمناه اقساماً عدة: ما بين البحث على الأرض، الأرشيف على الأرض، والقراءات…نقسّم العمل أنا ومحمد بطريقة تحافظ على راحة بالنا معاً…وفي الحقيقة نعتمد طريقة كمال جنبلاط في العمل…نفكّر معاً كيف كان يدير الوقت ليتمكّن من إنجاز هذه المشاريع…نحاول أن نتعلّم منه قليلاً…والأهم أن نسلّط الضوء على مختلف الجوانب من شخصيته، إن كان كرجل سياسي، وشاعر، ومفكّر…حتى إلمامه بالطب…تلك النواحي التي تجعل منه إنساناً”. ينهي: “أنا ومحمد أحببنا المادة المطروحة أمامنا كثيراً…نعجز عن التوقّف…والسبب ان الحب يُحرّكنا…لأن الحب موجود لا نستطيع أن نتوقف…ومن خلاله نستخرج بعض أفكار لأفلام أخرى”. يُعلّق زكاك ضاحكاً: “ولكنها بدورها Top Secret”.

هنادي الديري

This entry was posted in Weekly Supplement. Bookmark the permalink.

Leave a comment